ملخص
لقد اعتقلت إسرائيل ما يقرُب من 700,000 مواطنٍ فلسطينيٍّ بموجب أوامر عسكريةٍ، منذ احتلالها للأراضي الفلسطينية في عام 1967. ويشكّل هذا العدد حوالي 20% من مجمل تعداد سكان الأراضي الفلسطينية المحتلة وحوالي 40% من الذكور أبناء شعبنا. كما اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلية ما يربو على 13,000 مواطنٍ فلسطينيٍّ بين عاميّ 1993 و2001 (وذلك على مدى السنوات التي شهدت انطلاق عملية السلام في أوسلو). وعلاوةً على ذلك، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلية 50,000 مواطنٍ آخر في الفترة الممتدّة بين اندلاع الانتفاضة الثانية في شهر أيلول/سبتمبر 2000 حتى هذا اليوم
ومنذ شهر كانون الثاني/يناير 2011، ما تزال إسرائيل تعتقل ما يقارب 6,000 أسيرٍ سياسيٍّ فلسطينيٍّ وعربيٍّ في سجونها ومعتقلاتها. ومن بين هؤلاء الأسرى 315 أسيرًا لم تزل إسرائيل تعتقلهم منذ الفترة التي سبقت إبرام اتفاقيات أوسلو في عام 1993. وكان يتعيّن على السلطات الإسرائيلية إطلاق سراح هؤلاء الأسرى بموجب أحكام الاتفاقيات السابقة الموقَّعة بيننا
لقد استخدمت إسرائيل قوّتها في اعتقال المواطنين الفلسطينيين واحتجازهم كوسيلةٍ لفرض سيطرتها وهيمنتها على أبناء شعبنا ومعاقبتهم على تنفيذ أيّ نشاطٍ سياسيٍّ يستهدف تحدّي احتلالها والوقوف في وجهه، وهو ما يشكّل خرقًا وانتهاكًا لقيم حقوق الإنسان الأساسية ومعاييرها المرعية. وعلاوةً على ذلك، يتعرّض المواطنون الفلسطينيون الذي يشاركون في تظاهراتٍ سلميةٍ للاحتجاج على مصادرة أراضيهم للاحتجاز والاعتقال.
ومن جانبٍ آخر، لا ترقى الظروف المعيشية التي يحياها الأسرى السياسيون الفلسطينيون والعرب الذين تعتقلهم إسرائيل إلى المعايير المقبولة، بما فيها المعايير والقواعد التي ينصّ عليها القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان والقواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء. ومنذ الفترة الواقعة بين عاميّ 2002 و2003 على وجه التحديد، طرأ تدهورٌ جسيمٌ على الظروف المعيشية والحياتية للأسرى. وتشتمل الأمثلة على ذلك سوء معاملة الأسرى، وحرمانهم من الحق في الزيارات العائلية أو فرض قيودٍ جمةٍ على هذا الحق، وحظر التواصل الجسديّ بين الأسرى وذويهم خلال الزيارات العائلية، وتقليص الساعات التي يُسمَح للأسرى فيها بالخروج إلى ردهات السجون والمشي فيها (الفورة)، وحظر الزيارات المتبادلة بين الأسرى أنفسهم، وفرض عقوبة العزل الانفرادي بصورةٍ متزايدة، ناهيك عن القيود العسيرة التي تفرضها سلطات السجون الإسرائيلية على إدخال وسائل الاتصالات والسلع من خارج السجون والمعتقلات.
إن قلةً من القضايا تشهد الإجماع والمساندة من أبناء شعبنا مثلما هو الحال بالنسبة لقضية أسرانا السياسيين. ولذلك، يجب أن تتضمّن أي عمليةٍ سلميةٍ أصيلةٍ وذات معنى على الإفراج الفوريّ عن أسرانا السياسيين، الذين ما تزال إسرائيل تحتجزهم أو تعتقلهم على خلفية النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني. كما يجب أن تنصّ اتفاقية الوضع الدائم على الإفراج عن جميع الأسرى السياسيين الفلسطينيين والعرب الذين ما يزالون يقبعون خلف القضبان في السجون الإسرائيلية. وحتى ذلك الحين، ينبغي إدخال تحسيناتٍ جوهريةٍ وذات معنى على الظروف الحياتية التي يعيشها هؤلاء الأسرى السياسيون في السجون والمعتقلات الإسرائيلية.
المفقودون ورفات الشهداء
منذ اندلاع النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني، لم تنفكّ إسرائيل تحتجز رفات الشهداء من أبناء شعبنا وترفض إعادتها إلى عائلاتهم لدفنها بصورة تحفظ كرامتهم. وتحتجز سلطات الاحتلال الإسرائيلية رفات عددٍ كبيرٍ من شهدائنا في مواقع تسمّيها “مقابر الأرقام”. وفي الوقت الذي لا يُعرف فيه عدد الشهداء الفلسطينيين الذي تحتجز إسرائيل رفاتهم في هذه المقابر، تقدِّر المنظمات الفلسطينية المعنية عددهم بالمئات. وقد قامت هذه المنظمات حتى الآن بتوثيق 302 حالة من هذه الحالات بناءً على المعلومات الأولية التي حصلت عليها بطريقةٍ مباشرةٍ من أُسرهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ليس هناك من تبريرٍ يقف وراء رفض إسرائيل معالجة هذه القضية الإنسانية التي تحول بين أُسر الشهداء وبين معرفة المواقع التي تُحتَجز فيها رفات أبنائها وتمنعهم من دفنهم على نحو يصون كرامتهم. ولذلك، يجب أن ينصّ أي اتفاق سلامٍ أصيلٍ على إعادة رفات جميع الشهداء من أبناء الشعب الفلسطيني ومقتنياتهم الشخصية من إسرائيل إلى ذويهم. وفضلاً عن ذلك، يجب إطْلاع أسر هؤلاء الشهداء على أي معلوماتٍ تتعلق برفاتهم أو بأبنائهم المفقودين في الخارج