فلسطين صدر الاسلام والخلفاء الراشدين
قبل ظهور الاسلام في القرن السابع ، كان قد حدث تمازج متصل بين المسيحيين في فلسطين والسكان العرب (الذين كان العديد منهم من المسيحيين ايضا) القاطنين إلى الجنوب والى الشرق من فلسطين. وكان النبي محمد صلى اللّه عليه وسلم واتباعه يتجهون إلى القدس كقبلة الصلاة ، وتروي الرواية الاسلامية اسراء النبي من مكة المكرمة إلى
القدس وعروجه منها إلى السماء. وبعد معركة أجنادين وانتصار المسلمين فيها بدأ المسلمون يسيطرون على اراضي فلسطين ، وقد استولى العرب المسلمون على القدس من البيزنطيين سنة 637م .
اعرب الخليفة عمر بن الخطاب عن احترامه للمدينة بان تقبل بنفسه استسلامها ، وعامل اهلها برأفة واعتدال متميزيين ، وكتب لهم وثيقة أمان عرفت فيما بعد بالعهدة العمرية ، اعطاهم فيها امانا لأنفسهم واموالهم وكنائسهم وصلبانهم ، فمن خرج منها فهو آمن ومن أقام فهو آمن ، وشهد على ذلك خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف وعمرو بن العاص ، ومعاوية ابن ابي سفيان ، وقد اقرّ السير وليم فينز جيرالد “لم يحدث قط في التاريخ المؤسف للفتوحات حتى فتح القدس ونادرا منذ ذاك ، ان اظهر فاتح تلك المشاعر السخية التي اظهرها عمر للقدس .” وكان الاسم العربي الذي اطلق على القدس هو البيت المقدّس ، كمقابل للبيت الحرام . واصبحت ولاية فلسطين البيزنطية ولاية ادارية وعسكرية عربية اطلق عليها اسم جند فلسطين منذ ذاك.
فلسطين زمن الامويين
لفلسطين أهمية دينية في الديانات السماوية الثلاث : الإسلام والمسيحية واليهودية . وخلال تاريخها اتخذت بعض النزاعات عليها طابعا دينيا مثل الحروب الصليبية كما يعطي البعض الصراع العربي الإسرائيلي بعداً دينيا.
تسمى فلسطين عند المسيحيين بالديار المقدسة، إذ بحسب الإيمان المسيحي، ولد وعاش فيها يسوع المسيح ورسله وحدثت معظم الأحداث المذكورة في العهد الجديد والعديد من الأحداث المذكورة في العهد القديم. وحسب التراث المسيحي انطلقت البشارة المسيحية من الجليل ويهوذا، أي من شمالي فلسطين وأوساطها، وانتشرت في أنحاء العالم. لذا تحتوي فلسطين على العديد من الأماكن المقدسة للمسيحيين وعلى رأسها مدينة بيت لحم، مسقط رأس المسيح حيث كنيسة المهد، ومدينة الناصرة حيث تلقت مريم العذراء البشارة بولادة المسيح من الروح القدس وحيث ترعرع المسيح بعد عودة أهله من بيت لحم، ومدينة القدس، أو أورشليم باسمها المسيحي التقليدي، حيث دعا المسيح أهل يهوذا إلى اتباعه إلى أن خطى خطواته الأخيرة على طريق الآلام ومن ثم تم صلبه ودفنه، إذ يؤمن المسيحيون بوجود قبر المسيح في كنيسة القيامة بالمدينة. وكذلك يقدس المسيحيين أماكن مختلفة في الجليل وخاصة حول بحيرة طبريا وعلى ضفة نهر الأردن. وكذلك يقدس المسيحيون بعض الأماكن المذكورة في العهد القديم والتي يقدسها اليهود والمسلمون أيضا مثل الحرم القدسي والحرم الإبراهيمي في الخليل وغيرهما. كانت المسيحية في فلسطين متأثرة منذ البداية باتجاهات مختلفة، فمنذ القرن الأول الميلادي تعايشت في الأراضي المقدسة عدة طوائف مسيحية مختلفة مع بعضها البعض. ولم ينقطع الوجود المسيحي في فلسطين إلى يومنا هذا.
تعتبر كنيسة القيامة في القدس إحدى أهم الكنائس في العالم، ويحج إلى فلسطين آلاف المسيحيين سنويا قادمين إلى بيت لحم والقدس والناصرة.
فلسطين زمن العباسيين
اتخذ العباسيون من بغداد عاصمة لهم ، وبلغت الخلافة العباسية اوج سلطانها ونفوذها في غضون قرن من إنشائها ، امّا بعد ذلك ، فقد وقع الكثير من اراضي الامبراطورية تحت سلطان حكامها الذين كان ولائهم للخلافة العباسية اسميا ، وظلت فلسطين طوال الشطر الاكبر من الفترة الواقعة بين انتهاء القرن التاسع الميلادي وحتى الحملات الصليبية في نهاية القرن الحادي عشر للميلاد تحكم من قبل حكام مسلمين اتخذوا من القاهرة مقرا لهم. زارها من العباسيين اثنان من الخلفاء ، كان المنصور اولهما ، وهو ثاني الخلفاء العباسيين ، زار القدس مرتين وأمر بإصلاح التلف الذي لحق بالمدينة بسبب زلزال كان قد اصابها ، اما الخليفة الثاني فهو المهدي ، ثالث الخلفاء العباسيين ، زار القدس خصيصا لأداء شعائر الصلاة في المسجد الاقصى ، وقد أمر المأمون سابع الخلفاء العباسيين باجراء ترميمات كبرى في مسجد قبة الصخرة ، تحت اشراف شقيقة وخلفه المعتصم ، الذي كان انذاك مندوب الخليفة في سوريا.
فلسطين زمن الحروب الصليبية والحملات المضادة لها
انقطع تسلسل الحكم العربي والاسلامي لفلسطين بفعل الغزو الصليبي واقامة مملكة القدس اللاتينية بين عامي 1099 و 1187 للميلاد ، ولكن الحملات المضادة للصليبيين بقيادة صلاح الدين الايوبي وخلفائه استمرت حتى عام 1291 ، حيث استرد المسلمون آخر المعاقل الصليبية في قيصرية(قيسارية) وعكا ، وقد قام الصليبييون ، بعد دخولهم القدس بتعذيب واحراق وذبح الاف من المسلمين العزّل من الرجال والنساء والاطفال ، فضلا عن العدد القليل من الأهالي اليهود الذين التجأوا إلى معبدهم ، وقد قامت عدّة حروب في تلك الفترة حاول فيها القادة المسلمون تحرير فلسطين منها محاولة الوزير الأفضل الفاطمي التي باءت بالفشل.
فلسطين في عهد المماليك
كان المماليك هم من اخرج آخر الصليبيين من فلسطين وهم من هزموا المغول بقيادة هولاكو حفيد جنكيز خان ، وامتدت فترة سيطرتهم ما بين عامي 1260 إلى الفتح العثماني لمصر عام 1517 ، وظل اسمها “جند فلسطين” وقسمت إلى ستة اقضية هي 1. غزة 2. اللد 3. قاقون 4. القدس 5. الخليل 6. نابلس
فلسطين تحت الحكم العثماني هزم العثمانيون المماليك في حدود 1517 وكانت الدولة العثمانية سيطرت على فلسطين عام 1516 ، وعينت القسطنطينية حاكما محليا عليها ، كانت البلاد قد قسمت إلى خمسة مناطق تسمى سناجق هي سنجق القدس وغزة وصفد ونابلس واللجون ، وكان الحكم إلى حد بعيد في أيدي السكان المحليين . وتم اعادة اعمار المرافق العامة في القدس على يد سليمان القانوني عام 1537. وقعت أجزاء فلسطين المختلفة وعموم بلاد الشام تحت سيطرة عائلات وكيانات متعددة في فترة الدولة العثمانية تراوحت بين الولاء والعداء للدولة المركزية. بين عامي 1831 و1840 قام محمد علي حاكم مصر بمد نفوذه على فلسطين ولبنان، وأدت سياساته إلى تعديل النظام الإقطاعي ، وزيادة الزراعة وتحسيّن التعليم. استردت الإمبراطورية العثمانية نفوذها على فلسطين في عام 1840 وبقيت فلسطين تحت الحكم العثماني حتى شتاء عامي 1917-1918 أي حتى الحرب العالمية الاولى، قسمت بعدها بحسب إتفاقية سايكس بيكو كغيرها من مناطق الشام والعراق .
فلسطين والغزو الصهيوني والحرب العالمية الاولي
خلال الثمانينات من القرن التاسع عشر ، ادى نمو الشعور القومي في اوروبا وخصوصا في شرقها إلى بلورة الصهيونية ، وكان القرار الصهيوني في اواخر القرن التاسع عشر باستعمار فلسطين وتحويلها إلى دولة يهودية -بغض النظر عن وجود أهلها الاصليين ورغباتهم- سببا في بدء الطور الحديث المضطرب من تاريخ فلسطين ، واطلق عليه اسم القضية الفلسطينية. كان فكر المستوطنين الجدد فكر علماني اساسا ، فالحركة الصهيونية هي بالاساس حركة علمانية ، وبدا تيودور هرتزل باقناع اغنياء اليهود بدعم الفكرة الصهيونية . وفي تلك الاثناء تم تقسيم البلاد بحسب إتفاقية سايكس بيكو، وفي 2 نوفمبر عام 1917 ، اصدر وعد بلفور الذي “نظر بعين العطف إلى قيام دولة يهودية في فلسطين… على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين”، كان من ردود الفعل الفلسطيننية عقد أول مؤتمر وطني فلسطيني عام 1919 رافضا لوعد بلفور.